فصل: فصل: (الحكم إذا خلف رجل ابنين وعبدا فادعى العبد أن سيده كاتبه فأنكراه)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه الإمام أحمد ***


باب‏:‏ اختلاف السيد ومكاتبه

إذا اختلفا في أصل العقد فالقول قول السيد مع يمينه لأن الأصل عدمه وإن اختلفا في قدر مال الكاتبة أو أجله ففيه ثلاث روايات‏:‏

إحداهن‏:‏ القول قول السيد لأنهما اختلفا في الكاتبة فأشبه ما لو اختلفا في عقدها‏.‏

والثانية‏:‏ القول قول المكاتب لأن الأصل عدم الزيادة المختلف فيها‏.‏

والثالثة‏:‏ يتحالفان لأنهما اختلفا في قدر العوض فيتحالفان كما لو اختلفا في ثمن المبيع‏:‏ فإذا تحالفا قبل العتق فسخنا العقد إلا أن يرضى أحدهما بما قال صاحبه وإن كان التحالف بعد العتق رجع السيد على العبد بقيمته ورجع العبد بما أداه على سيده‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن وضع السيد عن العبد بعض نجومه أو أبرأه منه واختلفا في أي النجوم هو‏]‏

وإن وضع السيد عن العبد بعض نجومه أو أبرأه منه واختلفا في أي النجوم هو فالقول قول السيد لأنهما اختلفا في فعله وإن وضع عنه دراهم والكتابة على دنانير لم يصح لأنه وضع عنه غير ما عليه فإن قال العبد إنما أردت دنانير بقيمة الدراهم فأنكره السيد لأن الظاهر معه وهو أعلم بما عنى وإن أدى كتابه فقال السيد‏:‏ أنت حر ثم بان مستحقا لم يعتق لأن الظاهر أنه قصد إلى الخبر بناء على ظنه وقد بان خلافه فإن قال العبد‏:‏ أردت عتقي فأنكر السيد فالقول قوله لأنه أعلم بقصده وإن ادعى العبد وفاء الكاتبة فأنكره السيد فالقول قول السيد لأن الأصل عدم الوفاء وإن قال السيد‏:‏ استوفيت فادعى المكاتب أنه وفاه الجميع وقال السيد‏:‏ إنما وفيتني البعض فالقول قول السيد لأن الاستيفاء لا يقتضي الجميع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن كان للمكاتبة ولد فادعت أنها ولدته في الكتابة‏]‏

فإن كان للمكاتبة ولد فقالت‏:‏ ولدته في الكتابة فقال السيد‏:‏ بل قبلها فالقول قول السيد‏:‏ لأنه إختلاف في وقت الكتابة والأصل عدمها قبل الولادة وإن زوج السيد مكاتبه أمته فولدت منه‏:‏ واشترى زوجته فقال السيد‏:‏ ولدته قبل الشراء وقال المكاتب‏:‏ بل بعده احتمل أن تكون كالتي قبلها واحتمل أن يكون القول قول العبد لأن هذا اختلاف في الملك والظاهر مع العبد لأنه في يده بخلاف التي قبلها لأنهما لم يختلفا في المللك إنما اختلفا في وقت العقد‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا أدى أحد المكاتَبَين إلى السيد أو أبرأه فادعى كل واحد من المكاتبَين أنه المؤدِّي أو المبرَأ‏]‏

فإذا أدى أحد المكاتبين إلى السيد أو أبرأه فادعى كل واحد من المكاتبين أنه المؤدي أو المبرأ فالقول قول السيد في التعيين لأنه لو أنكرهما كان القول قوله فإذا أنكر أحدهما قبل قوله وعليه اليمن له فإن نكل قضي عليه وعتقا جميعا فإن قال‏:‏ لا أعلم أيكما المؤدي فعليه اليمين أنه لا يعلم فيقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وعتق وبقي الآخر على الكاتبة وكذلك إن مات السيد قبل التعيين قرع بينهما لأنهما تساويا في احتمال الحرية فأشبه ما لو أعتق أحدهما وأنسيه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا كاتب عبيدا كتابة واحدة فأدوا‏]‏

إذا كاتب عبيدا كتابة واحدة فأدوا عتقوا فقال من كثرت قيمته‏:‏ أدينا على قدر قيمنا وقال الآخر‏:‏ بل أدينا على السواء فبقيت لنا على الأكثر بقية فمن جعل العوض بينهم على عدد رءوسهم قال‏:‏ القول قول من ادعى التسوية ومن جعل على كل واحد قدر حصته فعنده فيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ القول قول من يدعي التسوية لأن أيديهم على المال فيتساوون فيه‏.‏

والثاني‏:‏ القول قول الآخر لأن الظاهر أن الإنسان لا يؤدي إلا ما عليه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا كاتب رجلان عبدا بينهما‏]‏

وإذا كاتب رجلان عبدا بينهما فادعى أنه أدى إليهما فصدقه أحدهما وأنكر الآخر عتق نصيب المقر وحلف الآخر وبقيت حصته على الكتابة وله مطالبة المقر بنصف ما قبض لحصول حقه في يده ومطالبة المكاتب بالباقي وله مطالبة المكاتب بالجميع لأنه لم يدفع إليه حقه ولا إلى وكيله فإذا قبض عتق المكاتب ومن أيهما أخذ لم يرجع به المقبوض منه على الآخر لأنه يقر ببراءة صاحبه ويدعي أن المنكر ظلمه فلا يرجع بما ظلمه به على غيره فإن عجز المكاتب عجزه ورق نصفه ولم يسر عتق الآخر لأنه لا يعترف بعتقه ولا العبد أيضا ولا يعترف المنكر بعتق شيء منه وإن شهد المصدق له فقال الخرقي‏:‏ تقبل شهادته له في العتق لأنه لا نفع له فيه ولا تقبل شهادته فيما يرجع إلى براءته من مشاركة صاحبه وقياس المذهب أنه لا تقبل شهادته في العتق أيضا لأن من شهد بشهادة يجر إلى نفسه نفعا بطلت شهادته في الكل وإن ادعى المكاتب ودفع جميع المال إلى أحدهما ليأخذ نصيبه منه ويدفع باقيه إلى شريكه وقال المدعى عليه‏:‏ بل دفعت إلى كل واحد منا حقه فهي كالتي قبلها إلا أن المنكر يأخذ حصته بلا يمين لأنه لا يدعي واحد منهما دفع المال إليه وإن قال المدعى عليه‏:‏ قبضت المال ودفعت إلى شريكي حصته فأنكر شريكه فعليه اليمين ها هنا لأنه يدعي التسليم إليه فإذا حلف فله مطالبة من شاء منهما بجميع حقه فإن أخذ من المكاتب رجع على المقر لأنه قبض منه سواء صدقه المكاتب في الدفع إلى شريكه أو كذبه لتفريطه في ترك الإشهاد فإن حصل للمنكر ماله من أحدهما عتق وإن عجز المكاتب فللمنكر استرقاق نصفه والرجوع على المقر بنصف ما قبض لأنه استحق نصف كسبه ويقوم على المقر لأنه رقه كان بسبب منه وهو التفريط‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا خلف رجل ابنين وعبدا فادعى العبد أن سيده كاتبه فأنكراه‏]‏

وإذا خلف رجل ابنين وعبدا فادعى العبد أن سيده كاتبه فأنكراه فالقول قولهما مع أيمانهما لأن الأصل عدم الكتابة ويحلفان على نفي العلم لأنها يمين على فعل الغير وإن صدقه أحدهما أو نكل عن اليمين وحلف الآخر ثبتت الكتابة لنصفه ومتى أدى إلى المقر عتق نصيبه ولم يسر إلى نصيب شريكه لأنه لم يباشر العتق ولم يتسبب إليه إنما هو مقر بما فعل أبوه وولاء نصفه الذي عتق للمقر لأته لا يدعيه غيره وإن شهد المقر على المنكر فشهادته مقبولة إن كان عدلا لأن لا يجر إلى نفسه نفعا ولا يدفع ضررا والله أعلم‏.‏

باب‏:‏ حكم أمهات الأولاد

إذا أصاب الرجل أمته فولدت منه ما يتبين فيه بعض خلق الإنسان صارت له أم ولد تعتق بموته من رأس المال لما روى ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه‏]‏ رواه أحمد وابن ماجة ولأنه إتلاف حصل بالاستمتاع فحسب من رأس المال كإتلاف ما يأكله فأما إن علقت منه في غير ملكه لم تعتق عليه سواء ملكها حاملا أو بعد الوضع لأنها علقت بمملوك فإذا كان الولد مملوكا فأمه أولى‏.‏

وعنه‏:‏ إن ملكها حاملا فولدت عنده صارت له أم ولد لعموم الخبر وقال القاضي‏:‏ إن لم يطأها بعد ملكه لها لم تصر أم ولد وكذلك إن وطئها في ابتداء حملها أو توسطه بعد ملكه لها صارت أم ولد لأن الماء يزيد في سمعه وبصره وقد قال عمر‏:‏ أبعدما اختلطت دماؤكم ودماؤهن ولحومكم ولحومهن بعتموهن‏؟‏‏!‏ فعلل بالاختلاط وقد وجد وإن ولدت منه في غير ملكه بنكاح أو زنا ثم ملكها لم تصر أم ولد لأن ولدها مملوك لسيد الأمة ونقل ابن أبي موسى‏:‏ أنها تصير أم ولد لما ذكرناه والأول المذهب‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن أسقطت ولدا ميتا‏]‏

فإن أسقطت ولدا ميتا فهو كالحي في ذلك لأنه ولد وإن أسقطت جزءا منه كيد ورجل فهي أم ولد لأنه من ولد وإن ألقت نطفة أو علقة لم تصر أم ولد لأنه ليس بولد وإن وضعت ما يتحقق فيه تخطيط من رأس أو يد أو رجل أو عين فهو ولد وإن ألقت مضغة فشهدت ثقة من القوابل أنه تخطط أو تصور ثبت أنه ولد وإن لم يتخطط ويتصور فشهدت أنه بدو خلق آدمي ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ لا تصير أم ولد لأنه ليس بولد أشبه النطفة والأخرى هي أم ولد لأنه بدو خلق بشر أشبه المتخطط‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يملك الرجل من أم ولده‏]‏

ويملك الرجل استخدام أم ولده وإجارتها ووطأها وتزويجها وحكمها حكم الإماء في صلاتها وغيرها لأنها باقية على ملكه إنما تعتق بعد الموت بدليل حديث ابن عباس‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما لا يملك الرجل من أم ولده‏]‏

ولا يملك بيعها ولا هبتها ولا التصرف في رقبتها لما روى سعيد بن منصور بإسناده عن عبيدة قال‏:‏ خطب علي الناس فقال‏:‏ شاورني عمر في أمهات الأولاد فرأيت أنا وعمر أن أعتقهن فقضى به عمر حياته وعثمان حياته فلما وليت رأيت أن أرقهن قال عبيدة‏:‏ فرأي عمر وعلي في الجماعة أحب إلينا من رأي علي وحده وروي عنه أنه قال‏:‏ بعث إلي علي وإلى شريح أن اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف وروى صالح عن أحمد أنه قال‏:‏ أكره بيعهن وقد باع علي بن أبي طالب قال أبو الخطاب‏:‏ فظاهر هذا أنه يصح البيع مع الكراهة والمذهب الأول‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن ولدت من غير سيدها‏]‏

وإن ولدت من غير سيدها فله حكمها يعتق بموت سيدها سواء عتقت أو ماتت قبله لأن الاستيلاد كالعتق المنجر ولا يبطل الحكم فيه بموتها لأنه استقر في حياتها فلم يسقط بموتها كولد المدبرة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن أسلمت أم ولد الذمي‏]‏

وإن أسلمت أم ولد الذمي لم تعتق ونقل عنه منها‏:‏ أنها تعتق لأنه لا يجوز إقرار ملك كافر على مسلمة ولا سبيل إلى إزالته بغير العتق‏.‏

وعنه‏:‏ أنها تستسعى في قيمتها ثم تعتق والمذهب الأول قال أبو بكر‏:‏ الذي تقتضيه أصول أبي عبد الله أنها لا تعتق لأنه سبب يقتضي العتق بعد الموت فلم يتجزأ بالإسلام كالتدبير ولكن تزال يده عنها ويحال بينه وبينها لأن المسلمة لا تحل لكافر وتسلم إلى ارمأة ثقة ونفقتها في كسبها وما قضل منه فهو لسيدها وإن لم يف بنفقتها فعلى سيدها تمامها في إحدى الروايتين وهو قول الخرقي لأنها مملوكته‏.‏

والثانية‏:‏ لا يلزمه ذلك لأنه منع الانتفاع بها فإن أسلم حلت له وإن مات عتقت‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏جناية أم الولد‏]‏

وإن جنت لزم سيدها فداؤها لأنه منع من بيعها بالإحبال ولم تبلغ حالا تتعلق بذمتها فأشبه ما لو امتنع من تسليم عبده القن ويفديها بأقل الأمرين من فيمتها أو أرش جنايتها لأنه لا يمكن بيعها‏.‏

وعنه‏:‏ يفديها بأرش جنايتها بالغة ما بلغت حكاها أبو بكر لأنه ممنوع من تسليمها فإن عادت فجنت فداها كما وصفت لأن الموجب لفدائها وجد في الثانية كوجوده في الأول فوجب استواؤهما في الفداء لاستوائهما في مقتضيه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏جناية أم الولد على سيدها‏]‏

وإن جنت أم ولد على سيدها فيما دون النفس فهو كجناية القن سواء وإن قتلته عتقت لأنه زال ملكه بموته ولا يمكن نقل الملك فإن كانت جنايتها عمدا فللأولياء القصاص منها وإن كانت غير موجبة له فسقط بالعفو فعليها قيمة نفسها لأنها جناية أم ولد فلم يجب أكثر من قيمتها كالجناية على الأجنبي وإن ورث ولدها شيئا من القصاص الواجب عليها سقط كله لأنه لا يتبعض وصار الأمر إلى القيمة‏.‏

كتاب‏:‏ النكاح

النكاح مشروع أمر الله به ورسوله فقال تعالى‏:‏ ‏{‏فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏}‏ وقال سبحانه‏:‏ ‏{‏وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم‏}‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء‏]‏‏.‏

وقال عليه السلام‏:‏ ‏[‏إني أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني‏]‏ وقال سعد بن أبي وقاص‏:‏ لقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أحله له لاختصينا متفق عليهما والتبتل‏:‏ ترك النكاح‏.‏

وقد روي عن أحمد‏:‏ أن النكاح واجب اختاره أبو بكر لظاهر هذه النصوص فظاهر المذهب أنه لا يجب إلا على من يخاف بتركه مواقعة المحظور فيلزمه النكاح لأنه يجب عليه اجتناب المحظور وطريقه النكاح ولا يجب على غيره لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏}‏ ولو وجب لم يعلقه على الاستطابة والاشتغال به أفضل من التخلي للعبادة لظاهر الأخبار فإن أقل أحوالها الندب إلى النكاح والكراهة لتركه إلا أن يكون ممن لا شهوة له كالعنين والشيخ الكبير ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ النكاح له أفضل لدخوله في عموم الأخبار‏.‏

والثاني‏:‏ تركه أفضل لأنهلا يحصل منه مصلحة النكاح ويمنع زوجته من التحصن بغيره ويلزمه نفسه واجبات وحقوق لعله يعجز عنها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من يصح منه النكاح ومن لا يصح‏]‏

ولا يصح إلا في جائز التصرف لأنه عقد معاوضة فأشبه البيع ولا يصح نكاح العبد بغير إذن مولاه لما روى جابر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر‏]‏ رواه أبو داود والترمذي وقال‏:‏ حديث حسن ولأنه ينقص قيمته ويوجب المهر والنفقة وفيه ضرر على سيده فلم يجز بغير إذنه كبيعه وعنه‏:‏ أنه يصح ويقف على إجازة مولاه بناء على تصرفات الفضولي ويجوز نكاحه بإذن مولاه لدلالة الحديث ولأن المنع لحقه فزال بإذنه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏النظر للمخطوبة‏]‏

ومن أراد نكاح امرأة فله النظر إليها لما روى جابر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏[‏إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل‏]‏ رواه أبو داود‏.‏

وينظر إلى الوجه لأنه مجمع المحاسن وموضع النظر وليس بعورة وفي النظر إلى ما يظهر عادة من الكفين والقدمين ونحوهما روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يباح لأنه يظهر عادة أشبه الوجه‏.‏

والثانية لا يباح لأنه عورة أشبه ما لا يظهر ولا يجوز النظر إلى ما لا يظهر عادة لأنه عورة ولا حاجة إلى نظره ويجوز النظر إليها بإذنها وبغير إذنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق النظر فلا يجوز تقييده وفي حديث جابر قال‏:‏ فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها‏.‏

وليس له الخلوة بها لأن الخبر إنما ورد بالنظر فبقيت الخلوة على أصل التحريم ويجوز لمن أراد شراء جارية النظر منها إلى ما عدا عورتها للحاجة إلى معرفتها ويجوز للرجل النظر إلى وجه من يعاملها لحاجته إلى معرفتها للمطالبة بحقوق العقد ويجوز ذلك عند الشهادة للحاجة إلى معرفتها للتحمل والأداء ويجوز للطبيب النظر إلى ما تدعو الحاجة إلى مداواته من بدنها حتى الفرج لأنه موضع ضرورة فأشبه الحاجة إلى الختان‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏النظر إلى ذوات المحارم‏]‏

وله أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبا كالرأس والرقبة والكفين والقدمين لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لا جناح عليهن في آبائهن‏}‏ وذات المحرم‏:‏ من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح كأم الزوجة وابنتها فأما أم المزني بها والموطوءة بشبهة وبنتها فلا يباح النظر إليها لأنها حرمت بسبب غير مباح فلا تلحق بذوات الأنساب وأما عبد المرأة فليس بمحرم لها لأنها لا تحرم عليه على التأبيد لكن يباح له النظر إلى ما يظهر منها غالبا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما ملكت أيمانكم‏}‏ روت أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب منه‏]‏ رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث صحيح وفيه دلالة على أنها لا تحتجب منه قبل ذلك ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك لحاجتها لخدمته فأشبه ذا المحرم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من لا يجب التستر منه‏]‏

ومن لا تمييز له من الأطفال لا يجب التستر منه في شيء لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء‏}‏‏.‏

وفي المميز روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ هو كالبالغ لهذه الآية والثانية‏:‏ هو كذي المحرم لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم‏}‏ إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم‏}‏ ففرق بينه وبين البالغ وحكم الطفلة التي لا تصلح للنكاح مع الرجال حكم الطفل من النساء والتي صلحت للنكاح كالمميز من الأطفال لما روى أبو بكر بإسناده‏:‏ أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق فأعرض عنها وقال‏:‏ ‏[‏يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا‏]‏ وأشار إلى وجهه وكفيه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم العجوز التي لا تشتهى مثلها‏]‏

والعجوز التي لا تشتهى مثلها يباح النظر منها إلى ما يظهر غالبا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة‏}‏ قال ابن عباس استثناهن الله تعالى من قوله‏:‏ ‏{‏وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن‏}‏ ولأن ما حرم من النظر لأجله معدوم في حقها فأشبهت ذوات المحارم وفي معناها‏:‏ الشوهاء التي لا تشتهى ومن ذهبت شهوته من الرجال لكبر أو مرض أو تخنيث فحكمه حكم ذي المحرم في النظر لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال‏}‏ أي الذي لا إرب له في النساء كذلك فسره مجاهد وقتادة ونحوه عن ابن عباس رضي الله عنه قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ دخل على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مخنث وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة قال‏:‏ ‏(‏إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان‏)‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا‏؟‏‏!‏ لا يدخلن عليكم هذا‏]‏ رواه أبو داود فأجاز دخوله عليهن حين عده من غير أولي الإربة فلما علم ذلك منه حجبه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏نظر الزوجين إلى بعضهما البعض‏]‏

ويباح لكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه ولمسه وكذلك السيد مع أمته المباحة له لأنه أبيح له الاستمتاع به فأبيح له النظر إليه كالوجه وروى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منا وما نذر‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك‏]‏‏.‏

ويكره النظر إلى الفرج فإن زوج أمته حرم النظر منها إلى ما بين السرة والركبة لما روى ابن شعيب عن أبيه عن جده قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة فإن عورة‏]‏ رواه أبو داود‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم الرجل مع الرجل‏]‏

فأما الرجل مع الرجل فلكل واحد منهما النظر من صاحبه إلى ما ليس بعورة لأن تخصيص العورة بالنهي دليل على إباحة النظر إلى غيرها‏.‏

ويكره النظر إلى الغلام الجميل لأنه لا يأمن الفتنة بالنظر إليه والمرأة من المرأة كالرجل من الرجل والمسلمة من الكافرة كالمسلمتين كما أن المسلم من الكافر كالمسلمين وعنه‏:‏ إن المسلمة لا تكشف قناعها عند الذمية ولا تدخل معها الحمام لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو نسائهن‏}‏ فتخصيصهن بالذكر يدل على اختصاصهن بذلك‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏نظر المرأة إلى الرجل‏]‏

وفي نظر المرأة إلى الرجل روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يحرم عليها من ذلك ما يحرم عليه لما روت أم سلمة قالت‏:‏ كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم أنا وحفصة فاستأذن بن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏احتجبن منه‏]‏ فقلت‏:‏ يا رسول لله ضرير لا يبصر فقال‏:‏ ‏[‏أفعمياوان أنتما ألا تبصرانه‏]‏ أخرجه أبو داود والنسائي‏:‏ حديث صحيح‏.‏

والثانية‏:‏ يجوز لها النظر منه إلى ما ليس بعورة لما روت فاطمة بنت قيس‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها‏:‏ ‏[‏اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك‏]‏ وقالت عائشة‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد متفق عليهما وهذا أصح وحديث أم سلمة يحتمل أنه خاص لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإن قدر عمومه فهذه الأحاديث أصح منه فتقديمها أولى وكل من أبيح له النظر إلى من لا يحل له الاستمتاع به لم يجز له ذلك لشهوة وتلذذ لأنه داعية إلى الفتنة‏.‏

باب‏:‏ شرائط النكاح

وهي خمسة أحدها‏:‏ الولي فإن عقدته المرأة لنفسها أو لغيرها بإذن وليها أو بغير إذنه لم يصح لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏لا نكاح إلا بولي‏]‏ قال أحمد ويحيى‏:‏ هذا حديث صحيح وقد روي عن أحمد أن للمرأة تزويج معتقها فيخرج من هذا صحة تزويجها لنفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة لما روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له‏]‏ رواه أبو داود والترمذي فمفهومه صحته بإذنه ولأن المنع لحقه فجاز بإذنه كنكاح العبد والأول المذهب لعموم الخبر الأول ولأن المرأة غير مأمونة على البضع لنقص عقلها وسرعة انخداعها فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر من المال بخلاف العبد فإن المنع لحق المولى خاصة وإنما ذكر تزويجها بغير إذن وليها لأنه الغالب إذ لو رضي لكان هو المباشر له دونها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الزواج بغير إذن الولي‏]‏

فإن تزوج بغير إذن ولي فالنكاح فاسد لا يحل الوطء فيه وعليه فراقها وإن وطئ فلا حد عليه في ظاهر كلام أحمد لأنه وطء مختلف في حله فلم يجب به حد كوطء التي تزوجها في عدة أختها وذكر عن ابن حامد‏:‏

أنه أوجب به الحد لأنه وطء في نكاح منصوص على بطلانه أشبه ما لو تزوج ذات زوج وإن حكم بصحة هذا العقد حاكم ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يجوز نقضه لأنه حكم مختلف فيه فأشبه الشفعة للجار‏.‏

والثاني‏:‏ ينقض لأنه خالف النص‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من يلي زواج الأمة‏]‏

فإن كانت أمة فوليها سيدها لأنه عقد على نفعها فكان إلى سيدها كإجارتها فإن كان لها سيدان لم يجز تزويجها إلا بإذنهما وإن كانت سيدتها امرأة فوليها ولي سيدتها لأنه تصرف فيها فلم يجز بغير إذنه كبيعها وعنه رواية أخرى‏:‏

أن مولاتها تأذن لرجل فيزوجها لأن سبب الولاية الملك وقد تحقق في المرأة وامتنعت المباشرة لنقص الأنوثة فكان لها التوكيل كالولي الغائب ونقل عنه‏:‏ أنه قيل له‏:‏ هل تزوج المرأة أمتها‏؟‏ قال‏:‏ قد قيل ذلك هي مالها وهذا يحتمل رواية ثالثة فإن كانت سيدتها غير رشيدة أو كان لغلام أو لمجنون فوليها من يلي مالهم لأنه تصرف في بعضها أشبه إجارتها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من يلي زواج الحرة‏]‏

وإن كانت حرة فأولى الناس بها أبوها لأنه أشفق عصباتها ويلي مالها عند عدم رشدها ثم الجد أبو الأب وإن علا لأنه أب وعنه‏:‏ الابن يقدم على الجد لأنه أقوى تعصيبا منه وعنه‏:‏ أن الأخ يقدم على الجد لأنه يدلي ببنوة الأب والبنوة أقوى وعنه‏:‏ أن الجد والأخ سواء لاستوائهما في الإرث بالتعصيب والمذهب الأول لأن للجد إيلادا وتعصيبا فقدم عليهما كالأب لأنه لا يقاد بها ولا يقطع بسرقة مالها بخلافهما ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل لأنه عدل من عصباتها فيلي نكاحها كابنها وقدم على سائر العصبات لأنه أقربهم نسبا وأقواهم تعصيبا فقدم كالأب ثم الأخ ثم ابنه ثم العم ثم ابنه ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها على ترتيبهم في الميراث لأن الولاية لدفع العار عن النسب والنسب في العصبات وقدوم الأقرب فالأقرب لأنه أقوى فقدم كتقديمه في الإرث ولأنه أشفق فقدم كالأب فإن انقرض العصبة من النسب فوليها المولى المعتق ثم عصابته الأقرب فالأقرب ثم مولى المولى ثم عصابته لأن الولاء كالنسب في التعصب فكان مثله في التزويج ويقدم ابن المولى على ابنه لأنه أقوى تعصيبا وإنما قدم الأب المناسب لزيادة شفقته وتحكم الأصل على فرعه وهذا معدوم في أبي المولى فرجع فيه إلى الأصل وإذا كان المعتق امرأة فولي مولاتها أقرب عصباتها لأنه لما لم يمكنها مباشرة نكاحها كانت كالمعدومة وعنه‏:‏ أنها تولي رجلا في تزويجها لما ذكرنا في أمتها ثم السلطان لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له‏]‏‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏استواء أكثر من ولي في درجة واحدة‏]‏

فإن استوى اثنان في الدرجة وأحدهما من أبوين والآخر من أب كالأخوين والعمين ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يقدم ذو الأبوين اختاره أبو بكر لأنه حق يستفاد بالتعصيب فأشبه الميراث بالولاء‏.‏

والثانية‏:‏ هما سواء اختارها الخرقي لأن الولاية بقرابة الأب وهما سواء فيها فإن كانا ابني عم أحدهما أخ لأم فذكر القاضي‏:‏ أنهما كذلك والصحيح أن الإخوة لا تؤثر في التقديم لاستوائهما في التعصب والإرث به بخلاف التي قبلها من كل وجه فإن استويا من كل وجه فالولاية ثابتة لكل واحد منهما أيهما زوج صح تزويجه لأن السبب متحقق في كل واحدة لكن يستحب تقديم أسنهما وأعلمهما وأتقاهما لأنه أحوط للعقد في اجتماع شروطه والنظر في الحظ فإن استويا وتشاحا أقرع بينهما لأنهما تساويا في الحق وتعذر الجمع فيقرع بينهما كالمرأتين في السفر فإن قرع أحدهما فزوج الآخر صح لأن القرعة لم تبطل ولايته فلم يبطل نكاحه وذكر أبو الخطاب فيه وجها آخر‏:‏ أنه لا يصح‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن زوجها الوليان لرجلين دفعة واحدة‏]‏

فإن زوجها الوليان لرجلين دفعة واحدة فهما باطلان لأن الجمع يتعذر فبطلا كالعقد على أختين ولا حاجة إلى فسخهما لبطلانهما وإن سبق أحدهما فالصحيح السابق لما روى سمرة وعقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما‏]‏ رواه أبو داود ولأن الأول‏:‏ خلا عن مبطل الثاني‏:‏ تزوج زوجة غيره فكان باطلا كما لو علم فإن دخل بها الثاني وهو لا يعلم أنها ذات زوج فعليه مهرها لأنه وطء بشبهة وترد إلى الأول لأنها زوجته ولا يحل له وطؤها حتى تقضي عدتها من وطء الثاني فإن جهل الأول منهما ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يفسخ النكاحان لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون نكاحه هو الصحيح لأنه لا سبيل إلى الجمع ولا إلى معرفة الزوج فيفسخ الإزالة الزوجية ثم لها أن تتزوج من شاءت منهما أو من غيرهما‏.‏

والثانية‏:‏ يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة أمر صاحبه بالطلاق ثم يجدد القارع نكاحه فإن كانت زوجته لم يضره ذلك وإن لم تكن صارت زوجته بالتجديد وكلا الطريقين لا بأس به وسواء علم السابق ثم نسي أو جهل الحال لأن المعنى في الجميع واحد وإن أقرت المرأة لأحدهما بالسبق لم يقبل إقرارها لأن الخصم غيرها فلم يقبل قولها عليه كما لو أقرت ذات زوج الآخر أنه زوجها وإن ادعى عليها العلم بالسابق لم يلزمها يمين لأنه من لا يقبل إقراره لا يستحلف في إنكاره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يشترط للولي‏]‏

ويشترط للولي ثمانية شروط‏:‏

أحدها‏:‏ العقل فلا يصح تزويج طفل ولا مجنون‏.‏

والثاني‏:‏ الحرية فلا ولاية لعبد‏.‏

الثالث‏:‏ الذكروية فلا ولاية لامرأة لأن هؤلاء لا يملكون تزويج أنفسهم فلا يملكون تزويج غيرهم بطريق الأولى‏.‏

الرابع‏:‏ البلوغ‏:‏ فلا يلي الصبي بحال وعنه‏:‏ أن الصبي المميز إذا بلغ عشرا صح تزويجه لأنه يصح بيعه والأول أولى لأنه مولى عليه فلا يلي كالمرأة‏.‏

الخامس‏:‏ اتفاق الدين فلا يلي كافر مسلمة بحال لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض‏}‏ إلا أم الولد الذمي المسلمة ففيها وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ يملك تزويجها لأنه لا يملكها فأشبه المسلم إذا كان سيده كافر‏.‏

والثاني‏:‏ لا يليه للآية ويليه الحاكم ولا يلي مسلم كافرة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين كفروا بعضهم أولياء بعض‏}‏ إلا السلطان فإنه يلي نكاح الذمية التي لا ولي لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏السلطان ولي ولا ولي له‏]‏ ولأن ولايته عامة عليهم وسيد الأمة الكافرة يزوجها وإن كان مسلما لأنه عقد عليها فوليه كبيعها وولي سيد الكافرة أو سيدتها يزوجها لأنه يقوم مقامهما ويلي الكفار أهل دينهم للآية التي تلوناها وهل تعتبر عدالتهم في دينهم‏؟‏ على وجهين بناء على الروايتين في المسلمين‏.‏

السادس‏:‏ العدالة فلا يلي الفاسق نكاح قريبته وإن كان أبا في إحدى الروايتين لأنها ولاية نظرية فنافاها الفسق كولاية المال والثانية‏:‏ يلي لأنه قريب ناظر فكان وليا كالعدل ولأن حقيقة العدالة لا تعتبر بل يكفي كونه مستور الحال ولو اشترطت العدالة اعتبرت حقيقتها كما في الشهادة‏.‏

السابع‏:‏ التعصيب أو ما يقوم مقامه فلا تثبت الولاية لغيرهم كالأخ من الأم والخال وسائر من عدا العصبات لأن الولاية تثبت لحفظ النسب فيعتبر فيها المناسب ولا تثبت الولاية للرجل على المرأة التي تسلم على يديه وعنه‏:‏ أنها تثبت ووجه الروايتين ما ذكرنا في كتاب الولاء‏.‏

الثامن‏:‏ عدم من هو أولى منه فلا تثبت الولاية للأبعد مع حضور الأقرب الذي اجتمعت الشروط فيه لما ذكرنا في تقديم ولاية الأب فإن مات الأقرب أو جن أو فسق انتقلت إلى من بعده لأن ولايته بطلت فانتقلت إلى الأبعد كما لو مات فإن عقل المجنون وعدل الفاسق عادت ولايته لزوال مزيلها مع وجود مقتضيها فإن زوجها الأبعد من غير علم بعود ولاية الأقرب لم تصح ولاية زوجها بعد زوال ولايته يحتمل أن تصح بناء على الوكيل إذا تصرف بعد العزل قبل علمه به وإن دعت المرأة وليها إلى تزويجها من كفء فعضلها فللأبعد تزويجها نص عليه وعنه‏:‏ لا يزوجها إلا السلطان وهو اختيار أبو بكر لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له‏]‏ ولأن التزويج حق عليه امتنع منه فقام الحاكم مقامه في إيفائه كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه واختار الخرقي الرواية الأولى لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فوليها الأبعد كما لو فسق والحديث دليل على أن السلطان لا يزوج هاهنا لقوله‏:‏ ‏[‏فالسلطان ولي من لا ولي له‏]‏ وإن غاب الأقرب غيبة منقطعة ولم يوكل في تزويجها فللأبعد تزويجها لما ذكرنا والغيبة المنقطعة‏:‏ ما لا تقطع إلا بكلفة ومشقة في منصوص أحمد واختيار أبي بكر وذكر الخرقي‏:‏ أنها ما لا يصل الكتاب فيها إليه أو يصل فلا يجيب عنه لأن غير هذا يمكن مراجعته وقال القاضي‏:‏ حدها‏:‏ ما لا تقطعها القافلة في السنة إلا مرة لأن الكفء ينتظر عاما ولا ينتظر أكثر منه وقال أبو الخطاب‏:‏ يحتمل أن يحدها بما تقصر فيه الصلاة لأن أحمد قال‏:‏ إذا كان الأب بعيد السفر يزوج الأخ والسفر البعيد في الشرع‏:‏ ما علق عليه رخص السفر والأولى المنصوص والرد في هذا إلى العرف وما جرت العادة بالانتظار قيه والمراجعة لصاحبه لعدم التحديد فيه من الشارع فأما القريب فيجب انتظاره ومراجعته لأنه في حكم الحاضر إلا أن تتعذر مراجعته لأسر أو حبس لا يوصل إليه ونحوهما فيكون كالبعيد لكونه في معناه ولا يشترط في الولاية البصر لأن شعيبا عليه السلام زوج ابنته وهو أعمى لموسى عليه السلام ولأن الأعمى من أهل الرواية والشهادة فكان من أهل الولاية كالبصير فأما الأخرس فإن منع فهم الإشارة أزال الولاية وإن لم يمنعها لم يزل الولاية لأن الأخرس يصح تزوجه فصح تزويجه كالناطق‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا زوج الأبعد مع حضور الأقرب وسلامته من الموانع ونحو ذلك‏]‏

وإذا زوج الأبعد مع حضور الأقرب وسلامته من الموانع أو زوج أجنبي أو زوجت المرأة المعتبر إذنها بغير إذنها أو تزوج العبد بغير إذن سيده فالنكاح باطل في أصح الروايتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فهو عاهر‏]‏ وفي لفظ‏:‏ ‏[‏فنكاحه باطل‏]‏ ولأنه نكاح لم تثبت أحكامه من الطلاق والخلع والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة والثانية‏:‏ هو موقوف على إجازة من له الإذن فإن أجازه جاز وإلا بطل لما ذكرناه في تصرف الفضولي في البيع ولما روى ابن ماجه‏:‏ أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وقال‏:‏ هذا حديث مرسل رواه الناس عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا ابن عباس فإن قلنا بهذه الرواية فإن الشهادة تعتبر حالة العقد لأنها شرط له فتعتبر معه كالقبول ويكفي في إذن المرأة النطق أو ما يدل على الرضى تقوم مقام النطق به بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لبربرة‏:‏ ‏[‏إن وطئك زوجك فلا خيار لك‏]‏ فأما إن زوجت المرأة نفسها أو زوجها طفل أو مجنون أو فاسق فهو باطل لا يقف على الإجازة لأنه تصرف صادر من غير أهله وذكر أصحابنا‏:‏ تزويجها لنفسها من جملة الصور المختلفة في وقوفها والأولى أنها ليست منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أيما امرأة زوجت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل‏]‏ ولأنه تصرف لو قارنه الإذن لم يصح فلم يصح بالإذن اللاحق كتصرف المجنون‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏توكيل الأولياء في تزويج موليتهم‏]‏

ولكل واحد من الأولياء أن يوكل في تزويج موليته فيقوم وكيله مقام حاضرا كان الموكل أو غائبا ولا يعتبر إذن المرأة في التوكيل وخرج القاضي ذلك على روايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل وليس كذلك فإن الولي ليس بوكيل للمرأة ولا تثبت ولايته من جهتها فلم يقف جواز توكيله على إذنها كالسلطان ولأنه ولي في النكاح فملك الإذن فيه من غير إذنها كالسلطان ويجوز التوكيل في التزويج مطلقا من غير تعيين الزوج لأنه إذن في التزويج فجاز مطلقا كإذن المرأة ويجوز التوكيل في تزويج معين واختلفت الرواية هل تستفاد ولاية النكاح بالوصية‏؟‏ على روايتين ذكرناهما في الوصايا ولا يصير وصيا في النكاح بالوصية إليه في المال لأنها إحدى الوصيتين فلم تملك بالأخرى كالأخرى‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا لم يكن للمرأة ولي‏]‏

وإذا لم يكن للمرأة ولي ولا للبلد قاض ولا سلطان فعن أحمد‏:‏ ما يدل على أنه يجوز لها أن تأذن لرجل عدل يحتاط لها في الكفء والمهر ويزوجها فإنه قال في دهقان قرية‏:‏ يزوج المرأة إذا لم يكن في الرستاق قاض إذا احتاط لها في الكفء والمهر ووجه ذلك أن اشتراط الولي هاهنا يمنع النكاح بالكلية فوجب أن لا يشترط‏.‏

وعنه‏:‏ لا يصح إلا بولي لعموم الخبر‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا أراد ولي المرأة تزوجها كابن عمها أو مولاها‏]‏

وإذا أراد ولي المرأة تزوجها كابن عمها أو مولاها جعل أمرها إلى من يزوجها منه بإذنها لما روي أن المغيرة بن شعبة أمر رجلا أن يزوجه امرأة المغيرة أولى بها منه ولأنه وليها فجاز أن يتزوجها من وكيله كالإمام فإن زوج نفسه بإذنها ففيه روايتان‏.‏

إحداهما‏:‏ لا يجوز لحديث المغيرة ولأنه عقد ملكه بالإذن فلم يجز أن يتولى طرفيه كالوكيل في البيع‏.‏

والثانية‏:‏ يجوز لما روي عن عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أنه قال لأم حكيم بنت قارظ أتجعلين أمرك إلي‏؟‏ قالت‏:‏ نعم فقال‏:‏ قد تزوجتك ولأنه صدر الإيجاب من الولي والقبول من الأهل فصح كما لو زوج الرجل عبده الصغير لأمته وإن قال السيد‏:‏ قد أعتقت أمتي وجعلت عتقها صداقها أو قال‏:‏ قد جعلت عتق أمتي صداقها ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يصح العتق والنكاح ويصير عتقها صداقها لما روى أنس‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها‏)‏ متفق عليه وفي رواية أصدقها نفسها‏.‏

والثانية‏:‏ لا يصح حتى يبتدئ العقد عليها بإذنها لأنه لم يوجد إيجاب ولا قبول فلم يصح العقد كما لو كانت حرة فعلى هذا ينفذ العتق وعليها قيمة نفسها لأنه إنما أعتقها بعوض لم يسلم له ولم يمكن إبطال العتق فرجعنا إلى القيمة ولا يجوز لأحد أن يتولى طرفي العقد غير من ذكرنا إلا السيد يزوج عبده من أمته فإن كان وكيلا للزوج والولي أو وكيلا للزوج وليا للمرأة أو وكيلا للولي وليا للزوج ففيه وجهان‏:‏ بناء على ما ذكرنا في الوكيل في البيع‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الثاني من شرائط النكاح

أن يحضره شاهدان لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل‏]‏ رواه الخلال وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏لا بد في النكاح من أربعة‏:‏ الولي والزوج والشاهدان‏]‏ رواه الدارقطني وعن أحمد‏:‏ أن الشهادة ليست شرطا فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها بغير شهود ولأنه عقد معاوضة فلم تشترط الشهادة فيه كالبيع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يشترط في الشهود‏]‏

ويشترط في الشهود سبع صفات‏:‏

أحدها‏:‏ العقل لأن المجنون والطفل ليسا من أهل الشهادة‏.‏

والثاني‏:‏ السمع لأن الأصم لا يسمع العقد فيشهد به‏.‏

والثالث‏:‏ النطق لأن الخرس لا يتمكن من أداء الشهادة‏.‏

الرابع‏:‏ البلوغ لأن الصبي لا شهادة له وعنه‏:‏ أنه ينعقد بحضور مراهقين بناء على أنهما من أهل الشهادة والأول أصح‏.‏

الخامس‏:‏ الإسلام ويتخرج أن ينعقد نكاح المسلم للذمية بشهادة ذميين بناء على قبول شهادة بعضهم على بعض والأول المذهب لقوله عليه السلام‏:‏ ‏[‏لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل‏]‏‏.‏

السادس‏:‏ العدالة للخبر وعنه‏:‏ ينعقد بحضور فاسقين لأنه تحمل فلم تعتبر فيه العدالة كسائر التحملات والأول أولى للخبر ولأن من لا يثبت النكاح بقوله لا ينعقد بشهادته كالصبي إلا أننا لا نعتبر العدالة باطنا ويكفي أن يكون مستور الحال وكذلك العدالة المشروطة في الولي لأن النكاح يقع بين عامة الناس في مواضع لا تعرف فيها حقيقة العدالة فاعتبار ذلك يشق‏.‏

السابع‏:‏ الذكورية وعنه‏:‏ ينعقد بشهادة رجل وامرأتين لأنه عقد معاوضة أشبه البيع والأول‏:‏ المذهب لما روى أبو عبيد في الأموال عن الزهري أنه قال‏:‏ مضت السنة أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح ولا في الطلاق وهل يشترط عدم العداوة والولادة‏؟‏ وهو أن لا يكون الشاهدان عدوين للزوجين أو لأحدهما ولا ابنين لهما أو لأحدهما على وجهين ولا تشترط الحرية ولا البصر لأنها شهادة لا توجب حدا فقبلت شهادتهما فيه كالشهادة عليه بالاستفاضة ويعتبر أن يعرف الضرير المتعاقدين ليشهد عليهما بقولهما وهل يشترط كون الشاهد من غير أهل الصنائع الرزية كالحجام ونحوه‏؟‏ على وجهين بناء على قبول شهادتهم‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الثالث من شروط النكاح

تعيين الزوجين لأن المقصود بالنكاح أعيانهما فوجب تعيينهما فإن كانت حاضرة فقال‏:‏ زوجتك هذه صح لأن الإشارة تكفي في التعيين فإن زاد على ذلك فقال‏:‏ ابنتي أو فاطمة كان تأكيدا وإن سماها بغير اسمها صح لأن الاسم لا حكم له مع الإشارة فأشبه ما لو قال‏:‏ زوجتك هذه الطويلة وهي قصيرة وإن كانت غائبة فقال‏:‏ زوجتك ابنتي وليس له غيرها صح لحصول التعيين بتفردها بهذه الصفة المذكورة وإن سماها باسمها أو وصفها بصفتها كان تأكيدا وإن سماها بغير اسمها صح أيضا لأن الاسم لا حكم له مع التعيين فلا يؤثر الغلط فيه وإن كان له ابنتان فقال‏:‏ زوجتك ابنتي لم يصح حتى يسميها أو يصفها بما تتميز به لأن التعيين لا يحصل بدونه فإن قال‏:‏ ابنتي فاطمة أو ابنتي الكبرى صح لأنها تعينت به وإن نويا ذلك من غير لفظ لم يصح لأن الشهادة في النكاح شرط ولا يقع إلا على اللفظ ولا تعيين فيه وإن خطب الرجل امرأة فزوج غيرها لم ينعقد النكاح لأنه ينوي القبول لغير ما وقع فيه الإيجاب فلم يصح كما لو قال‏:‏ قد زوجتك ابنتي فاطمة فقال‏:‏ قبلت تزويج عائشة فإن كان له ابنتان كبرى اسمها عائشة وصغرى اسمها فاطمة فقال‏:‏ قبلت تزويج عائشة فقبله الزوج ينويان الصغرى لم يصح لأنهما لم يتلفظا بما تقع الشهادة عليه ولم يذكر المنوية بما تتميز به وإن نوى أحدهما الكبرى والآخر الصغرى لم يصح لأنه قبل النكاح في غير من وقع عليه الإيجاب وإن قال‏:‏ زوجتك حمل امرأتي لم يصح لأنه لم يثبت لها حكم البنات قبل الولادة ولا يتحقق كونها بنتا وإن قال‏:‏ إن ولدت زوجتي بنتا زوجتكها كان وعدا لا عقدا لأن النكاح لا يتعلق على الشروط‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الرابع من شروط النكاح

التراضي من الزوجين أو من يقوم مقامهما لأن العقد لهما فاعتبر تراضيهما به كالبيع فإن كان الزوج بالغا عاقلا لم يجز بغير رضاه وإن كان عبدا لم يملك السيد إجباره عليه لأنه خالص حقه وهو من أهل مباشرته فلم يجبر عليه كالطلاق وإن كان العبد صغيرا فلسيده تزويجه لأنه إذا ملك تزويج ابنه الصغير فعبده أولى قال أبو الخطاب‏:‏ ويحتمل أن لا يملكه أيضا قياسا على الكبير ويملك الأب تزويج ابنه الصغير الذي لم يبلغ لما روي عن ابن عمر‏:‏ أنه زوج ابنه وهو صغير فاختصموا إلى زيد فأجازاه جميعا رواه الأثرم ولأنه يتصرف في ماله بغير تولية فملك تزويجه كابنته الصغيرة وسواء كان عاقلة أو معتوها لأنه إذا ملك تزويج العاقل فالمعتوه أولى ويملك الأب أيضا تزويج ابنه البالغ المعتوه في ظاهر كلام أحمد والخرقي لأنه غير مكلف فأشبه الصغير وقال القاضي‏:‏ لا يجوز تزويجه إلا إذا ظهر منه إمارات الشهوة باتباع النساء ونحوه فقال أبو بكر‏:‏ لا يجوز تزويجه بحال لأنه رجل فلم يجز تزويجه بغير إذنه كالعاقل والأول أولى لأنه إذا جاز تزويج الصغير مع عدم حاجته إلى قضاء شهوته وحفظه عن الزنى فالبالغ أولى ولا يجوز تزويجه إلا إذا رأى وليه المصلحة في تزويجه لاحتياجه إلى الحفظ والإيواء أو قضاء الشهوة ونحو ذلك فأما من له إفاقة في بعض أحيانه فلا يجوز إجباره على النكاح لأنه يمكن استئذانه ووصي الأب كالأب في تزويج الصغير والمعتوه لأنه نائب عنه فأشبه الوكيل ولا يملك غير الأب ووصيه تزويج صغير ولا معتوه لأنه إذا لم يملك تزويج الأنثى مع قصورها فالذكر أولى وقال ابن حامد‏:‏ للحاكم تزويج المعتوه الذي يشتهي النساء لأنه يلي ماله فملك تزويجه كالوصي وقال القاضي‏:‏ له تزويج الصغير الذي يشتهي كذلك ولا يجوز إذا رأى المصلحة في ذلك لأنه ناظر له في مصالحه وهذا منها فأشبه عقده على ماله‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏رضا المرأة عند الزواج‏]‏

فأما المرأة فإن السيد يملك تزويج أمته بكرا كانت أو ثيبا بغير رضاها لأنه عقد على منافعها فملكه كإجارتها وأما الحرة فإن الأب يملك تزويج ابنته الصغيرة البكر بغير خلاف لأن أبا بكر الصديق زوج عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ست متفق عليه ولم يستأذنها وروى الأثرم‏:‏ أن قدامة بن مظعون تزوج ابنة الزبير حين نفست ولا يملك تزويج ابنته الثيب الكبيرة إلا بإذنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏الأيم أحق بنفسها من وليها‏]‏ وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏ليس للولي من الثيب أمر‏]‏ رواهما أبو داود وفي البكر البالغة روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ له إجبارها لما روى ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن من نفسها وإذنها صماتها‏]‏ وإثباته الحق للأيم على الخصوص يدل على نفيه عن البكر‏.‏

والثانية‏:‏ لا يجوز تزويجها إلا بإذنها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تأذن قالوا‏:‏ يا رسول الله فكيف إذنها‏؟‏ قال‏:‏ أن تسكت‏]‏ متفق عليه وأما الثيب الصغيرة ففيها وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يجوز تزويجها لعموم الأحاديث فيها‏.‏

والأخرى‏:‏ يجوز تزويجها لأنها ولد صغير فملك الأب تزويجها كالغلام والثيب‏:‏ هي الموطوءة في فرجها حلالا كان أو حراما لأنه لو أوصى للثيب بوصية دخل فيها من ذكرناه ولا تدخل في وصيته الأبكار ووصي الأب إذا نص له على التزويج كالأب لأنه قائم مقامه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من لا يملك تزويج المرأة إلا بإذنها‏]‏

فأما غيرهما فلا يملك تزويج كبيرة إلا بإذنها جدا كان أو غيره لعموم الأحاديث ولأنه قاصر عن الأب فلم يملك الإجبار كالعم وفي الصغيرة ثلاث روايات‏:‏

إحداهن‏:‏ له تزويجها لما روى أن قدامة بن مظعون زوج ابنة أخيه من عبد الله بن عمر فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏[‏إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها‏]‏ والصغيرة لا إذن لها‏.‏

والثانية‏:‏ لهم تزويجها ولها الخيار إذا بلغت لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏}‏ دلت بمفهومها على أنه له تزوجها إذا أقسط لها وقد فسرته عائشة بذلك‏.‏

والثالثة‏:‏ لهم تزويجها إذا بلغت تسعا بإذنها ولا يجوز قبل ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا زواج عليها‏]‏ رواه أبو داود وجمعنا بين الأدلة والأخبار وقيدنا ذلك بابنة تسع لأن عائشة قالت‏:‏ إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة وروي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه فأشبهت البالغة وإذن الثيب الكلام وإذن البكر الصمات أو الكلام في حق الأب وغيره لما تقدم من الحديث وهو صريح في الحكم وروى عدي الكندي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏البكر تعرب عن نفسها والبكر رضاها صمتها‏]‏ رواه الأثرم وابن ماجة ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم لشمول اللفظ لهما جميعا‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الخامس من شروط النكاح

الإيجاب والقبول ولا يصح الإيجاب إلا بلفظ النكاح أو التزويج فيقول‏:‏ زوجتك ابنتي أو أنكحتكها لأن ما سواهما لا يأتي على معنى النكاح فلا ينعقد به كلفظ الإحلال ولأن الشهادة شرط في النكاح وهي واقعة على اللفظ وغير هذا اللفظ ليس بموضوع للنكاح وإنما يصرف إليه بالنية ولا شهادة عليها فيخلوا النكاح عن الشهادة‏.‏

وأما القبول فيقول‏:‏ قبلت هذا النكاح وإن اقتصر على قبلت صح لأن القبول يرجع إلى ما أوجبه الولي كما في البيع وإن قيل للولي‏:‏ أزوجت‏؟‏ قال‏:‏ نعم قيل للمتزوج‏:‏ أقبلت‏؟‏ قال‏:‏ نعم انعقد النكاح لأن نعم جواب للسؤال والسؤال مضمر معاد فيه ولهذا لو قيل له‏:‏ أسرقت‏؟‏ قال‏:‏ نعم كان مقرا بالسرقة حتى يلزمه القطع الذي يندرئ بالشبهات فهاهنا أولى ولا يصح الإيجاب والقبول بغير العربية لمن يحسنها لأنه عدول عن لفظ الإنكاح والتزويج مع إمكانهما فلم يصح لما ذكرنا ويصح بمعناهما الخاص بكل لسان لمن يحسنهما لأنه يشتمل على معنى اللفظ العربي فأشبه ما لو أتى به وليس عليه تعليمهما بالعربية لأن النكاح غير واجب فلا يلزم تعلم أركانه كالبيع ولأن المقصود المعنى دون اللفظ المعجوز وهو حاصل بخلاف القراءة وقال أبو الخطاب‏:‏ يلزمه التعلم لأن ما كانت العربية شرطا فيه عند الإمكان لزمه تعلمه كالتكبير وإذا فهمت إشارة الأخرس صح النكاح بها لأنه معنى لا يستفاد إلا من جهته فصح بإشارته كبيعه وإن تقدم القبول على الإيجاب لم يصح لأن القبول إنما هو بالإيجاب فيشترط تأخره عنه وإن تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه لأن حكم المجلس حكم حالة العقد بدليل القبض فيما يشترط القبض فيه فإن تفرقا قبله أو تشاغلا بغيره قبل القبول بطل الإيجاب لأنهما أعرضا عنه بتفرقهما أو تشاغلهما فبطل كما لو طال التراخي ونقل أبو طالب عن أحمد في رجل مشى إليه قوم فقالوا‏:‏ زوج فلانا على ألف فقال‏:‏ قد زوجته على ألف فرجعوا إلى الزوج فأخبروه فقبل هل يكون هذا نكاحا‏؟‏ قال‏:‏ نعم فجعل أبو بكر هذا رواية ثانية وقال القاضي‏:‏ هذا محمول على أنه وكل من قبل العقد في المجلس وإن أخرج عن أحدهما عن أهلية العقد بجنون أو إغماء أو موت قبل القبول بطل لأنه لن ينعقد فبطل بهذه المعاني كإيجاب البيع ومتى عقد النكاح هازلا أو تلجئة صح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏‏:‏ ‏[‏ثلاث جدهن جد وهزلهن جد‏:‏ الطلاق والنكاح والرجعة‏]‏ رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الكفاءة‏]‏

وفي الكفاءة روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ هي شرط لصحة النكاح فإذا فاتت لم يصح وإن رضوا به لما روى الدارقطني بإسناده عن جابر قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا ينكح النساء إلا الأكفاء ولا يزوجهن إلا الأولياء‏]‏ وقال عمر‏:‏ لأمنعن فروج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء ولأنه تصرف يتضرر به من لم يرض به فلم يصح كما لو زوجها وليها بغير رضاها‏.‏

والثانية‏:‏ ليست شرطا لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج زيدا مولاه ابنة عمته زينب بنت جحش وزوج أسامة فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية رواه مسلم وقال عائشة‏:‏ إن أبا حذيفة تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة أخرجه البخاري لكن إن لم ترض المرأة ولم يرض بعض الأولياء ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ العقد باطل لأن الكفاءة حقهم تصرف فيه بغير رضاهم فلم يصح كتصرف الفضولي‏.‏

والثانية‏:‏ يصح ولمن لم يرض الفسخ فلو زوج الأب بغي الكفء فرضيت البنت كان للأخوة الفسخ لأنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة فملك الفسخ كالمتساويين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما تنضبط به الكفاءة‏]‏

والكفء ذو الدين والمنصب فلا يكون الفاسق كفءا لعفيفة لأنه مردود الشهادة والرواية غير مأمون على النفس والمال ولا يكون المولى والعجمي كفءا لعربية لما ذكرنا من قول عمر وقال سلمان لجرير‏:‏ إنكم معشر العرب لا نتقدم في صلاتكم ولا ننكح نساءكم إن الله فضلكم علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعله فيكم والعرب بعضهم لبعض أكفاء والعجم بعضهم لبعض أكفاء لأن المقداد بن الأسود الكندي تزوج ضباعة ابنة الزبير ابن عمة رسول الله وزوج أبو بكر أخته للأشعث بن قيس الكندي وزوج علي ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب‏.‏

وعنه أن غير قريش لا يكافئهم وغير بني هاشم لا يكافئهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏[‏أن الله اصطفى كنانة من والد إسماعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم‏]‏ واختلفت الرواية في ثلاثة أمور‏:‏ أحدها‏:‏ الحرية فروي أنها ليست شرطا في الكفاءة ‏[‏لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة حين عتقت تحت عبد فاختارت فرقته‏:‏ لو راجعتيه قالت‏:‏ أتأمرني يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ لا إنما أنا شفيع‏]‏ ومراجعتها له ابتداء نكاح عبد لحرة روي أنها شرط وهي أصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة حين عتقت تحت عبد فإذا ثبت لها الخيار فإذا ثبت لها الخيار بالحرية الطارئة فبالسابقة أولى ولأن فيه نقصا في المنصب والاستمتاع والإنفاق ويلحق به العار فأشبه عدم المنصب‏.‏

والثاني‏:‏ اليسار ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ هو من شرط الكفاءة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏[‏الحسب المال‏]‏ وقال ‏[‏إن أحساب الناس بينهم هذا المال‏]‏ رواه النسائي بمعناه ولأن على الموسرة ضررا في إعسار زوجها لإخلاله بنفقتها ونفقة ولدها‏.‏

والثانية‏:‏ ليس منها لأن الفقر شرف في الدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا‏]‏ رواه الترمذي وليس هو أمرا لازما فأشبه العافية من المرض واليسار المعتبر‏:‏ ما يقدر به على الإنفاق عليها حسب ما يجب لها‏.‏

والثالث‏:‏ الصناعة وفيها روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ أن أصحاب الصنائع الدنيئة لا يكافئون من هو أعلى منهم فالحائك والحجام والكساح والزبال وقيم الحمام لا يكون كفءا لمن هو أعلى منه لأنه نقص في عرف الناس وتتعير المرأة به فأشبه نقص النسب‏.‏

والثانية‏:‏ ليس هذا شرطا لأنه ليس بنقص في الدين ولا هو بلازم فأشبه المرض وقد أنشدوا‏:‏

‏(‏وليس على عبد تقي نقيصة‏.‏‏.‏‏.‏ إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم‏)‏‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏إعلان النكاح‏]‏

ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف لما روى محمد بن حاطب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح‏]‏ رواه النسائي فإن أسروا وتواصوا بكتمانه كره ذلك وصح النكاح وقال أبو بكر‏:‏ لا يصح للحديث ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل‏]‏ مفهومه صحته بهما والحديث محمول على الندب جمعا بين الخبرين ولأن إعلان النكاح والضرب عليه بالدف إنما يكون بعد العقد وصحته ولو كان شرطا لاعتبر حال العقد كسائر شروطه وقال أحمد‏:‏ لا بأس بالغزل في العرس لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار‏:‏

‏(‏أتيناكم أتيناكم‏.‏‏.‏‏.‏ فحيانا وحياكم‏.‏

ولولا الذهب الأحمـ ر ما حلت نواديكم‏.‏

ولولا الحنطة السمرا ء ما سمنت عذاراكم‏)‏‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏استحباب العقده يوم الجمعة‏]‏

ويستحب عقده يوم الجمعة لأن جماعة من السلف كانوا يحبون ذلك والمساية أولي لما روى أبو حفص بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏مسوا بالإملاك فإنه أعظم للبركة‏]‏‏.‏

ويستحب تقديم الخطبة بين يدي النكاح لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ب ‏(‏الحمد لله‏)‏ فهو أقطع‏]‏ ويستحب أن يخطب بخطبة ابن مسعود التي قال‏:‏ علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الحاجة ‏[‏إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‏]‏ ويقرأ ثلاث آيات‏:‏ ‏{‏اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون‏}‏ ‏{‏واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا‏}‏ ‏{‏اتقوا الله وقولوا قولا سديدا‏.‏ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما‏}‏ رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن وهذا ليس بواجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخاطب الواهبة‏:‏ ‏[‏زوجتكما بما معك من القرآن‏]‏ ولم يذكر خطبة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الدعاء للمتزوج‏]‏

ويستحب أن يقال للمتزوج ما روى أبو هريرة‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان- إذا تزوج- قال‏:‏ ‏[‏بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير‏]‏ رواه أبو داود وإذا زفت إليه قال ما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل‏:‏ اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه‏]‏ رواه أبو داود‏.‏

وعن أبي سعيد مولى أبي أسيد أنه تزوج فحضره عبد الله بن مسعود وأبو ذر وحذيفة وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له‏:‏ إذا دخلت على أهلك فصل ركعتين ثم خذ برأس أهلك فقل‏:‏ اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي في وارزقني منهم ثم شأنك وشأن أهلك‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يستحب لمن أراد التزوج‏]‏

ويستحب لمن أراد التزوج أن يختار ذات الدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏تنكح المرأة لأربع‏:‏ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك‏]‏ متفق عليه ويختار الجميلة لأنه أسكن لنفسه وأغض لبصره وأدوم لمودته ولذلك شرع النظر قبل النكاح وروى سعيد بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏خير فائدة أفادها المرء المسلم بعد إسلامه امرأة جميلة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه في غيبته في ماله ونفسها‏]‏ ويتخير الحسيبة لنجب ولدها وقد روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم‏]‏ ويختار البكر لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير‏]‏ رواه ابن ماجه ويختار الولود لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة‏]‏ رواه سعيد ويختار ذات العقل ويجتنب الحمقاء لأنه ربما تعدى ذلك إلى ولدها وقد قيل‏:‏ اجتنبوا الحمقاء فإن ولدها ضياع وصحبتها بلاء قال أبو الخطاب‏:‏ ويختار الأجنبية لأن ولدها أنجب وقد قيل‏:‏ إن الغرائب أنجب وبنات العم أصبر‏.‏